قصه كان يا مكان.. في قديم الزّمان جدّة طيّبة تعيش مع حفيدها كامله
(( يا حدّاد يا خبير.. يا نافخ الكير)) أعطني فأساً.
وقف الحدّاد، مسح عرقه بقفا كفّه، قال:
-أمعك نقود؟
أدخل حديدان كفّيه في جيبيه، وأخرجهما فارغتين.
-لا.. أنا لا أملك نقوداً.
-إذاً.. كيف سأعطيك الفأس؟!
دمعت عينا حديدان، واستدار راجعاً، فنَاداه الحدّاد:
-هيه، أنت.. تعال ، احكِ لي ماهي قصّتك.. ولماذا تريد الفأس؟
مسح حديدان دموعه بطرف كمّه، ونشق قائلاً:
-جدّتي زعلت منّي، ولن تكلّمني إلاَّ إذا صنعت لها رغيفاً مدوَّراً، ذهبت إلى التّنور فطلب حطباً، والحطب في الجبل، والجبل بحاجة إلى فأس، والفأس موجودة عندك.
ابتسم الحدّاد، اقترب من حديدان مربّتاً على كتفيه، قائلاً:
-ما دمت تريد إرضاء جدّتك، فأنا سأعطيك الفأس، لكن.. بشرط.
-ما هو؟
-أن تساعدني بصنعه.
-موافق.
شمّر حديدان عن ساعديه، أمسك مطرقة، وراح يطرق الحديد المحمّى، فصار وجهه أحمر كالطماطم.
وعندما انتهيا من صنع الفأس، حملها حديدان شاكراً، ركض إلى الجبل، احتطب.. وضع حزمة الحطب والفأس على ظهره، ومشى صوب التّنور.
أوقد حديدان التّنور، عجن العجين، رقه، و..
عبثاً حاول صنع رغيف، فمرّة.. يصنعه ممطوطاً، ومرّة.. مثقوباً، وأحياناً كثيرة يحرقه، فيصبح أشبه بقفا طنجرة.
وقف حديدان مستسلماً، مسح عرقه، تذكّر دفعه للرغيف، قال:
-ما أغباني.. حسبت الأمر سهلاً، ما العمل.. كيف سأرضي جدّتي؟
شعر بيد تمسح على شعره، الټفت.. رأى جدّته، مبتسمة، تقول:
-أظنّك قد تعلّمت درساً مفيداً، لقد رضيت عنك، تعال ساعدني، لأخبز لك رغيفاً مدوَّراً يشبه القمر.