كان في دمشق ايام العصر العثماني
خرج الشاب دون استئذان، واخذ الرجل الثري يناديه: توقف، كيف تخرج دون ان آذن لك!! فانتفض ابناء الرجل يريدون اللحاق به وضربه تأديبا له على ما وصفوه بالوقاحة، فاوقفه والدهم وقال: دعوه لنرى اين يذهب.
ارسل الرجل خلف الشاب من يراقبه، وبعد ايام رأوه يدخل قصرا وسط حقل كبير مزروع بالقطن وفيه من شجر الفاكهة ما يبهج النفس وتحار به العقول، فضلا عن الاعداد الكبيرة من المزارعين الذين يعملون فيه، وبعد ساعة رأوا الشاب يخرج في ثياب فاخرة وهيئة جعلتهم يظنون في البداية انه شخص اخر، ثم سألوا عنه اهل الضيعة، واذ به من ابناء الاثرياء المعروفين وقد ورث عن ابيه كل هذا الخير.
ذهب الرجل الثري مع ابنائه الى بيت الشاب، فرحب بهم ترحيبا كبيرا، وامر خدمه بان يذبحوا الذبائح ويعدوا لهم وليمة، وعندما اجتمعوا سأله الرجل عن سبب ارتدائه للملابس الرثة وتجواله في احياء دمشق، فقال الشاب: ان اباه اوصاه قبل ۏفاته ان يصاهر الاكفاء من اهل الشام، ولا يكتفي باصولهم ومالهم في ذلك، بل ينظر في اخلاقهم وردود افعالهم، فابتكر هذه الحيلة كي يرى ردود الافعال على حقيقتها، وانه سمع ان عند هذا الرجل فتاة بسن الزواج فاراد ان يدخل عليه بهذه الحيلة، وعندما رأى منه ما رأى من زجره للخادم قال في نفسه: رجل ليس بالمتكبر وهذه بداية طيبة، وعندما احتجزه حتى يعرف قصته قال: اهتم بي ولم يشغله عني جميع الحضور على علو مكاناتهم!!!! انه امر يدعو للتفاؤل، وعندما التقى به ثم انصرف اخبره انه تعمد ان ينصرف دون استئذان ثم قال في نفسه: ان الحق بي احدا يضربني فقد هدم كل ما ظننته به، اما ان اصابه الفضول لمعرفتي فقد اثبت ان ختام اللقاء كان مسكا.
عندما سمع الرجل وابناؤه هذا الكلام ضحكوا جميعا حتى ارتفعت اصواتهم بالضحك، ولمّح للشاب تلميحا بان يأتي بجاهة بعد انصرافهم ويخطب ابنته، وقد تم ذلك وتزوج الفتاة وحدثت المصاهرة