سمعت من أحد المشايخ أن الناس يوم الحساب يبعثون عراة فلم افهم ازاي ربنا فرض علينا الستر وتبعث عراة ما الدليل على هذا_
خلقه بهذه الصفة -يعني الغُرْلة- ثم بعد ذلك يكون من الفطرة إزالة ذلك: أن يستشعر الإنسان أنه في هذه الدنيا ليس في دار البقاء، إنما هو شيء مؤقت ثم بعد ذلك سيرجع كما كان بهذه الخلقة في يوم القيامة، فيكون قد خرج إلى الدنيا ووُجد فيها كما يكون حاله حينما يرجع بعد ذلك بعد موټه -والله تعالى أعلم، فيرجع الناس هكذا من غير ثياب، ولا أثاث، ولا رياش، ولا أموال، إنما يأتون كما خرجوا من بطون أمهاتهم تماماً.
فعائشة -رضي الله تعالى عنها، وهكذا المرأة المسلمة العفيفة الشريفة الحيية الذي ذهب إلى نفسها أولاً هو ما يتعلق بالحياء والستر والحشمة، فقالت: يا رسول الله، الرجال والنساء جميعاً ينظر بعضهم إلى بعض؟، المرأة المسلمة يُهمها الحجاب والستر، وهي مفطورة ومجبولة على الحياء، فالذي أشغلها حينما ذكر النبي ﷺ ذلك هو ما يتعلق بالستر، كيف يكون الرجال والنساء ينظر بعضهم إلى بعض؟، فأين هذا الحياء وهذا السؤال المباشر من أولائك النساء العاريات مع الرجال على شواطئ البحار، وفي المسابح في الفنادق وفي غيرها، ليس على الواحدة إلا ما يستر السوءتين فقط؟، فهؤلاء قد رحل منهم الحياء تماماً وتلاشى، فالشاهد أن النبي ﷺ أجابها عن هذا الأمر الذي أهمها فقال: يا عائشة، الأمر أشد من أن يُهمهم ذلك بمعنى أن الإنسان يكون في غاية الخۏف
والاشتغال بنفسه، والبحث عما يخلص رقبته عند الله -تبارك وتعالى، ولا يفكر في شيء آخر، يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيه وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ [عبس:34-35]، كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ [المعارج:43]، يقومون إلى محشرهم كأنهم أولائك الذين يهرولون إلى أصنامهم وآلهتهم يقدمون لها القرابين، خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ [المعارج:44]، فهذا حال أعداء الله عند القيام من القبور، وهذا الموقف الرهيب وهذا الموقف العظيم يشغل قلوبهم عن النظر إلى أي شيء آخر، لا يشعر الإنسان بهؤلاء الذين بجواره من الرجال والنساء، هل هم عراة، أو غير عراة؟ هو لا ينظر إلى هذا، الذي أهمه هو كيف يتخلص من هذا الموقف المفزع، ولا شك أن الناس في هذه الدنيا في أوقات الفزع الهائل أنهم يذهلون عن كل شيء، وهذا شيء مشاهد، في قصة يوم بدر الله قال في أول سورة الأحزاب: مَّا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ [الأحزاب:4]، هذه الآية الأرجح في تفسيرها أن المراد أنها مقدمة لما بعدها، كما أنه لا يوجد لرجل قلبان فكذلك أيضاً لم يجعل الله لرجل أبوين وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءكُمْ أَبْنَاءكُمْ، وكذلك لا تكون الزوجة المُظاهَر منها أمًّا، وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ [الأحزاب:4]، لا يمكن أن تكون أمًّا وزوجة في وقت واحد، فالشاهد: أن من أقوال أهل العلم في